الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

تقتات على وريقات أمل



سبق لي نشر هذا الموضوع على أحد المنتديات وسأدرجه بإذن الله على مدونتي ... ذكرني البعض فيها فبحثت عنها بين ركام كتاباتي .... القصة واقعية تروي نفسها وإلى الآن لازلت أفكر في صاحبتها التي أرادت مني أن أكتب عنها ...كانت دوما تتمنى أن أكتب فيها ولو بيتا واحدا ..لكنني كنت أخاطبها بأنها أكبر من أكتب فيها فكلماتي العاجزة لن تكون شيئا أمام ما تعانيه ....


إليكم القصة كما كتبت أول مرة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "

تقتات على وريقات أمل

عنوان غريب لقصة ربما تبدو لكم غريبة لظاهرة أضحت متكررة .........

القصة ليست منقولة ولا مروية هي قصةحدثت ولا تزال أرويها لأول مرة .... قصة تلخص حالة بؤس إجتماعي لظاهرة أصبحت تستشري في مجتمعنا شيئا فشيئا....... لا أريد أن أفسد الموضوع إليكم القصة

"حدثت في ثانويتنا الصغيرة التي كان الجميع يطلق عليها الثانوية العسكرية لتشددها ... ومع هذا لم أتخيل يوما أن أدخلها لأجد طلبة من خارج قريتنا وفدوا خصيصا إلى مدرستنا .. كنت قد دخلت اليوم الأول بخطىً ثابتة لأنني ولابد أعرف الجميع بدأنا الدراسة بشكل طبيعي حتى لفتت انتباهي فتاة ذات ملامح غريبة لكنها كانت جذابة وهادئة جدا علمت أنها ليست من قريتنا ولكنني استغربت من ملامحها التي كانت غريبة عنا كليا فكرت أن تكون ..... لازمت الصمت , حتى ذلك اليوم الذي بدأت فيه فتاتنا بالإندماج معنا شيئا فشيئا في ذلك اليوم كانت معها صورة لأمها سألناها أن ترينا إياها فلم تمانع.. صدمتُ عندما أشارت لأمها كان ظني في محله لم تكن أمها عربية ولم تكن هذه مشكلة.... حتى مرت الأيام وزاد احتكاكي بها فصارت تبوح لي بكل ما يزعجها كانت همومها تبدو عادية لكنها تطورت في نظري عندما صرحت لي بكرهها الصريح " لوالدها "عجبت كثيرا ولم أصدق لكن الأيام اثبت لي صدق ما تشعر به ما قرأته في مذكراتها التي كنت أول من يلمسها بعدها ...كانت تسطر في كل صفحة خاطرة لا تخلو مضامينها من الكره تجاه والدها سألتها لمرة واحدة عن السبب لم تجب فتركتها ولم أعد للسؤال بل اكتفيت دوما بالإشارة لنعمة الأب لم تكن تهتم ومر عامنا الأول في الثانوية كأي عام جاء الثاني وكانت علاقتي بفتاتنا تزداد قوة كنت أصبرها وأساعدها كلما استطعت وأستعين بماما التي لم تقصر.... مرت الأيام حتى جاء آخر يوم في امتحانات تلك السنة فوجئت بأنها تناديني بعد أن كنت معها لمدة ليست بالقصيرة نتجاذب أطراف الحديث أسرعت إليها ولأنها كانت مضطربة دوما فقد بدأت الحديث قائلة سأخبرك سبب بل أسباب كرهي لبابا ولكن كي لا تكرهيني لن أخبرك اليوم دعيها لآخر يوم في العام القادم ...لم أعلق اكتفيت بقولي من يدري ربما توافيني المنية قبل السبب ... تبسمت وذهبت وعدت أنا إلى المنزل أفكر ما السبب وبحلول اليوم الأول من العطلة نسيت الأمر .... مر صيفي كغيره وجاء العام الجديد الذي كان الأهم بالنسبة لي لعدة أسباب مر عامي هذا حتى جاء يوم 12 مارس الذي قررت بعده الإعتكاف في البيت تحضيرا للنهائي فذاك العام كان عام الشهادة الثانوية ... أخبرتها أننا ربما لن نلتقي وأنها عليّ أن أعرف الآن كنا ذلك الوقت في الممر في طريقنا إلى معمل الأحياء أخبرتني عن السبب الثاني أما الأول فقد جعلني أتوقف فجأة لأجد الجميع يحدق بي .. سرت في ذهول إلى المعمل جلست ولم أكن هناك كنت بعيدا.... كنت أتسآل دوما هل يعقل كل هذا الحزن حتى عندما تضحك؟؟!!! السبب الثاني هو ما دعاني إلى كتابة القصة كانت أمها فلبينية ووالدها ليبي كانت تلوم امها دوما لأنها رضيت الزواج بأبيها وكانت تكره والدها لأنه تزوج بأمها لا لشيء لكن لأنها بقيت معلقة بين الحق والباطل ... نعم عاشت ما يقارب الخمس سنوات مع أخوالها هناك تشربت نفسها الصغيرة النصرانية وحفظت صلاتهم عن ظهر قلب ... لتعود هنا وتجد الكل مسلم وهي كذلك لم تكن تعلم ماذا تفعل من تكون وكيف تكون .... تصوم مع الصائمين ... تصلي كيفما تشاء مرة صلاة الكنيس ومرة صلاة المسلمين.... مع أن أمها أسلمت منذ زواجها بوالدها كما كانت تلمح لهذا الشيء لم أقصر في تصحيح ما هي عليه .... بعد 12 مارس وصلتني ورقة مملوءة بكلمات أثقلها البؤس وصلتني منها يوم 15 مارس 2007 عبرت فيها عن رغبتها في الصراخ لتهد أرجاء عالمنا المزيف الذي يخطئ فيه الكبار ليتحمل تبعات الخطأ الصغار أخبرتني :
أحبي والدك .... أحبي والدك... أحبي والدك

لم أرها بعد هذه الورقة ولم تر مني سوي بضع وريقات كنت أشحذ بها همتها وأحاول لملمت شتاتها فكانت كمن" يقتات على وريقات أمل" ..... لكن وريقاتي أضعف من ذلك البؤس ربما..... أنا نفسي أصبت بالإحباط عندما سمعت أنها دخلت المستشفى إثر تسممها علمت حينها انا يئست وتحاول الخروج من دنيانا تحاول التخلي عن روحها البريئة بدون وجه حق لم أعلم حتى الآن إن كانت لاتزال على وجه البسيطة أم غادرت هذه الدنيا لم أذكر سوى آخر وريقة أمل بعثتها بعد انتكاستها الأخيرة ...... عسى الله يفرج عليها ويهديها"


خلاصة ما رويت بعض تساؤلات أتمنى أن أجيب عليها وأن يفعل الجميع :
1- زواج الليبي بغير العربية ( غير العربية !!) هل يعد مشكلة أم أن قصة الفتاة التي مضت مجرد حالة شاذة ؟
2- هل أصبحت هذه الظاهرة شيئا عاديا ..... أن يعود الشاب من الخارج وقد فاجأ أهله بزوجة من الغرب وأطفال لا يعلمون شيئا عن الإسلام وعن العربية إلا ما ندر؟!!!"



\
/
\
/
\
/

هذه هي !!!