الخميس، 15 سبتمبر 2011

قراءة في كتاب : دور الطلبة في العمل السياسي







مع أن الكتاب لا يتعدى التسع وعشرون صفحة إلا أنه كان عامرا وهذا ليس بغريب على د.عبد الله النفيسي الذي طالما أُخذت بأسلوبه الراقي وهدوءه ورجاحة عقله.

يطرح الدكتور دور الطلبة في العمل السياسي متسائلا عن سبب الإبتعاد أو الإبعاد القسري للطلبة عن الساحة السياسية لافتا إنتباهنا إلى ممارسات القمع - اللطيفة - بداية من الأسرة وتحفظها على انخراط الأبناء في أي نشاط سياسي بدافع الخوف من التعثر في مشاكل مع الدولة "ذاك الوحش الحسن" ومن الأسرة نجدنا نستغل الخطاب الديني الذي يحث على طاعة ولي الأمر ثم الخطاب التربوي الذي يحث الطلبة وبشدة على ممارسة الدراسة ولا شيء غيرها!
ويؤكد الدكتور على أن السياسة لا يمكن اعتزالها فكل تفاصيل حياتنا لها علاقة بالسياسة .. مناهجنا ,طرق تدريسنا , حتى مأكلنا ومشربنا أصبح بيد الساسة … فالملك والأمير والرئيس لا يتقنون سوى تطبيق أفكارهم "هم فقط" لتظهر لنا على هيئة قرار سياسي يطبق حتى على المولود !
أما عن أسباب سقوط الدولة الإسلامية في مستنقعات التخلف في فترة صدر الإسلام فيؤكد الدكتور على أن المسلمين في تلك الحقبة سرحوا بخيالتهم بعيدا شعرا ونثرا وتركوا الواقع لفئات فاسدة لاهم لها سوى التربح - وما أشبه اليوم بالأمس! -  وهذا ربما نفس السبب الذي نأى بالمسلمين القدامى والجدد عن السياسة …الفارق أن الحاكم سابقا لا هم له سوى جمع الضرائب من الرعية وحماية نفوذه أما العامة فهم ملتهون في تفاصيل حياتهم الآخرى وهذا ما ينقصنا نحن اليوم فحتى تفاصيل حياتنا اليومية تكاد لا تخلو من تسلط الحاكم أضف إليها الضرائب "السرقة" !
ثم يعرج الدكتور على مفهوم العمل السياسي وعناصره الثلاث : التنظيم والفكر والجماهير وكيف أنه لا يمكننا النجاح مالم نوفق بين هذه العناصر …فلا تنظيم مالم يكن هنالك فكر واضح وملم توجد جماهير تتبنى وتدعم ذاك الفكر ولا فكر من دون تنظيم والأهم لا جماهير من دون تنظيم وفكر " وهذه القاصمة" ..فهذه الجماهير يجب أن تقتنع بديمقراطية التنظيم وجماهيرية العمل السياسي .. بمعنى احترام الأقلية لرأي الأغلبية وإتقان التقد والنقد الذاتي و لنتحرى نجاح هكذا خطوات يجب أن نفكر جيدا في التعبير الأمين عن قاعدة عريضة جدا من الجماهير... بهكذا نكون قد ربطنا عناصر العمل السياسي والتي بعد ربطها نحتاج معها إلى خط مستقيم لا حياد عنه مع نفسيات جاهزة للتأقلم مع أي متقلبات مهما كانت ومتى كانت غير متناسين أهمية أن نكون دوما "أب تو ديت" وأن نختار تكتيكات مرنة ومجدية !


أما عن ليبيا … وفي محاولة مني لتقريب ما كان يحدث إلى السياسة فقد ردت السيدة الموقرة وبكلنة ليبية مفعمة بالسخرية : معش تتحشمي يا بنت أنا في حياتي ما عتبتها ليبيا ! 

طلبة ليبيا الذين كانوا يسيِّرون المسيرات أيام الملك إدريس – رحمه الله - أصبحوا هم ذاتهم وحوش تلتهم الأصوات الطلابية المطالبة بتنوع سياسي عادل بعد نكبة عام 1969… تطورنا حتى أصبحنا نشحت حقوقنا كطلبة فقط لا غير…أما السياسة فلا شيء يربطنا بها سوى "لا تلعب بالنار" !!

وفي ليبيا الجديدة وبكل تفاؤل - خارق للعادة - سيكون فيها فرص أكبر بإذن الله .. ولو دققنا سنجد طاقات طلابية شابة تفجرت وأسست للإتحادات طلابية في فترة حكم القذافي وأيام الثورة تحديا وتأكيدا على أن الرفض لممارسات القمع ضد الطلبة مرفوض مسبقا وليس جديد عهد وليس وليد يوم وليلة … مع بعض الثغرات إلا أنني أرى تنظيما شبه متكامل وفكرا واضحا وقاعدة  جماهيرية أوضح ... تستند على احترام الآخر وتقدير رأي الأغلبية والأهم النقد والنقد الذاتي .


اقتباس :"إنما الوطن هو الأمن ووالخبز والحرية والمساواة وكل ذلك في إطار من المشاركة السياسية, فالأمن وحده لا يصنع الانتماء للوطن لأن حظيرة الخنازير فيها أمن, والخبز وحده لا يصنع الانتماء للوطن لأن كل مواخير العالم فيها خبز, والحرية وحدها لا تصنع الانتماء للوطن لأن كل أدغال العالم وأحراشه فيها حرية, والمساواة وحدها لا تصنع الانتماء للوطن لأن كل سجون العالم ومعتقلاته فيها مساواة."   
      
                           "   عن كتاب دور الطلبة في العمل السياسي للدكتور عبد الله النفيسي "                   



تنويه : ربما تزعجكم كلمة "الجماهير" كونها أحد المصطلحات القذافية بامتياز لكن " امسحوها في وجهي هههه"











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق